توقيع مذكرة تفاهم بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية لتنفيذ الربط الكهربائي بينهما

استمراراً للجهود التي يقوم بها قطاع الكهرباء في المملكة لتعزيز خدمة الكهرباء، والسعي الدائم لتهيئة الظروف والإمكانات لتأمين الطاقة الكهربائية للمشتركين بمستوى جيد من الكفاءة والموثوقية، ولمواكبة معدلات النمو المتزايد في طلب الطاقة الكهربائية، يتواصل تنفيذ مشروعات الكهرباء الضخمة في مجالات توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، ومن ذلك الربط الكهربائي مع دول الجوار، الذي يعتبر من أفضل الخيارات التي تعزز موثوقية الخدمة، وترفع كفاءة تشغيل منظومات الكهرباء.

في هذا الصدد تم يوم السبت 22 رجب 1434هـ، الموافق  1 يونيو 2013م، التوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية في مجال الربط الكهربائي، وقد وقعها نيابة عن حكومتي البلدين كل من وزير المياه والكهرباء في المملكة العربية السعودية معالي المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين، ووزير الكهرباء والطاقة في جمهورية مصر العربية معالي المهندس أحمد مصطفى إمام. والتوقيع على المذكرة بمثابة أولى الخطوات نحو المضي في تنفيذ المشروع.  وقد صرح معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين، بأن الربط الكهربائي بين البلدين من أهم مشاريع الربط الكهربائي في الدول العربية، وقد أكدت الدراسة التي قام بها استشاري المشروع جدواه الفنية والاقتصادية للبلدين. ويحظى هذا المشروع بالكثير من الاهتمام، ليس فقط من السعودية ومصر، بل من دول مجلس التعاون الخليجية، ودول المشرق العربي لأنه سيؤدي إلى ترابط منظومات الكهرباء في  14  دولة عربية، وسيصبح محوراً أساساً في الربط الكهربائي العربي الذي يساند الجهود المبذولة لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية، تمهيداً لإنشاء سوق عربية للكهرباء، وتجهيزها للربط مع منظومة الكهرباء الأوروبية. وقد أثبتت الدراسات العديد من فوائد المشروع، وأن منظومة الكهرباء المصرية من أفضل المنظومات المجاورة التي يمكن ربطها بمنظومة كهرباء المملكة نظراً إلى تفاوت أوقات ذروة الأحمال، الذي يؤدي بعد الربط الكهربائي إلى التشغيل الاقتصادي الأمثل لمحطات التوليد في كلا المنظومتين، لكون المنظومتين أكبر منظومات الكهرباء العربية.

وأكد معالي الوزير أن من الفوائد العديدة للمشروع تعزيز ورفع كفاءة منظومتي الكهرباء في كلا البلدين، وتحسين مستوى موثوقيتهما، والمشاركة في احتياطي قدرات التوليد مما يخفض استثمارات ضخمة مطلوبة لبناء محطات لتوليد الكهرباء في كل جانب، إضافة إلى إمكانية تبادل الطاقة في فترات ذروة أحمال الكهرباء صيفاً للاستفادة من تفاوت أوقات الذروة في البلدين، حيث تحدث الذروة في المملكة مابين الظهر والعصر، بينما تحدث بعد الغروب في مصر. ويمكن للبلدين تبادل كامل سعة الربط (3000 ميجاوات) في هذه الفترات، مما يوفر مليارات الريالات من الاستثمارات اللازمة لبناء محطات توليد لمجابهة طلب الطاقة وقت الذروة. ومن فوائد المشروع تبادل فائض القدرة المتاحة في غير أوقات الذروة، خاصة في الشتاء، على أسس تجارية حسب الأسعار العالمية للوقود طبقاً لاتفاقية تبادل الطاقة الثنائية بين شركتي الكهرباء في البلدين، مما يؤدي إلى التشغيل الاقتصادي الأمثل لمحطات التوليد، ويعزز موثوقية واستقرار كلا المنظومتين السعودية والمصرية. ومن فوائده أيضاً إمكانية  تبادل الطاقة الكهربائية  بين الدول العربية في مجموعتي الربط الخليجي والمشرق العربي. ويمكن استخدام خط الربط في تعزيز شبكات الاتصالات ونقل المعلومات بين الدول العربية مما سيزيد المردود الاقتصادي للمشروع. وأشار معالي الوزير إلى تميز المشروع بالمردود الاقتصادي العالي، لما سيوفره من عوائد استثمار جيدة للبلدين، إذ يبلغ معدل العائد من الاستثمار أكثر من (13%) عند استخدام الرابط فقط للمشاركة في احتياطي توليد الكهرباء للبلدين، مع مدة استرداد للتكاليف قدرها ثماني سنوات. ويبلغ معدل العائد من الاستثمار حوالي (20%) عند استخدام الخط الرابط للمشاركة في احتياطي التوليد، ولتبادل الطاقة بين البلدين في فترات الذروة لكل بلد، بحد أعلى (3000) ميجاوات، ويتجاوز العائد من الاستثمار (30%) إذا استخدم الخط، إضافة الى استخداماته الموضحة سباقاً، للتبادل التجاري للكهرباء، خاصة في الشتاء، الذي سيتيح للملكة تصدير الكهرباء الفائضة في منظومتها إلى مصر.

ولتأكيد التحقق من الجدوى الاقتصادية والفنية لهذا المشروع، كلفت وزارة المياه والكهرباء بالمملكة في بداية عام 2011م، البنك الدولي لمراجعة وتقييم الدراسة التي أعدها بيت خبرة أوروبي متخصص. وقد خلصت دراسة البنك إلى تأكيد الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع. وأكدت المنافع العائدة على البلدين مثل المشاركة في احتياطي قدرات التوليد، وإمكانية تبادل الطاقة في أوقات الذروة، وفرص تجارة الطاقة بين البلدين ومع الدول الأخرى المرتبطة بهما، خارج أوقات ذروة أحمال الكهرباء فيهما، وتعزيز الربط الداخلي للمملكة عن طريق الربط بين المنطقتين الغربية والشمالية الغربية.

وتقدر تكاليف خط الربط بين البلدين في حدود ستة مليارات ريال لإنشاء خط هوائي ذي تيار مستمر جهد (±500) كيلو فولت، وسعته (3000) ميجاوات، بطول (1320) كيلومتر، منها (820) كيلو متر داخل أراضي المملكة و(480) كيلو متر داخل الأراضي المصرية، ومد كابل بحري بطول (20) كيلو متراً لعبور خليج العقبة، وإنشاء محطة تحويل شرقي المدينة المنورة بسعة (3000) ميجاوات، ومحطة تحويل في تبوك سعتها (1000) ميجاوات، ومحطة تحويل شرقي القاهرة سعتها (3000) ميجاوات، هذه المحطات الثلاث ذات تيار متردد/مستمر. وستتولى كل من الشركة السعودية للكهرباء وشركة كهرباء مصر مسؤولية تمويل وامتلاك وتشغيل وصيانة معدات الربط داخل أراضيها حتى ساحلي خليج العقبة بما في ذلك المعدات الطرفية والكابلات الأرضية، أما الكابلات البحرية التي تعبر خليج العقبة فستكون مسؤولية تمويلها وملكيتها وتشغيلها وصيانتها مناصفة بين الشركتين.

وقد انتهى تحديد ومسح مسار الخط الهوائي في كلا البلدين، وأعدت المواصفات الفنية التفصيلية للمشروع ووثائق طرحه للمنافسة، ومسودة اتفاقيات تبادل الطاقة، ومراجعة التكلفة التقديرية لعناصر المشروع، وطرق تمويله وتنفيذه. وأعمال المسح البحري لمنطقة عبور الكيبل البحري بين البلدين عبر خليج العقبة، بطول (20) كم.  وأعد فريق التعاون المشترك بين البلدين، الذي استعان ببيت خبرة كندي، اتفاقية التشغيل واتفاقية التبادل التجاري اللازمة للمشروع، ومذكرة التفاهم للربط الكهربائي، التي وقعها وزير المياه والكهرباء في المملكة العربية السعودية، ووزير الكهرباء والطاقة بجمهورية مصر العربية، بعد أن وافقت عليها حكومتا البلدين الشقيقين. هذه المذكرة تحدد الأطر العامة للمشروع، وأسس وطرق تبادل الطاقة، ومسؤوليات كل طرف في التمويل والتنفيذ، ومتطلبات التشغيل والصيانة، وطرق تنسيق التعاون، والتحكيم وتسوية النزاعات، والبرنامج الزمني لتنفيذ المشروع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.